طالب في ثانوية كلية بغداد ؟!



شيئ من التأريخ : طالب في ثانوية كلية بغداد (فترة السبعينات) ؟!

تم قبولي في ثانوية كلية بغداد سنة 1973م بعد التخرج من الصف السادس الابتدائي وبعد اجتياز امتحان القبول في ثانوية كلية بغداد بمعدل 83%  وهو امتحان لمدة يومين , يكون فية اليوم الأول لامتحان اللغة الانكليزية – الامريكية  150 سؤال (اختيارات – Multiple Choice ) وعلى الطريقة الامريكية وكان اليوم الثاني امتحان المعلومات العامة (اعتقد كان متوفر باللغتين العربية والانكليزية – الامريكية) ولا اتذكر كم سؤال ولكن كان ايضا (اختيارات – Multiple Choice ).

كانت الدراسة باللغة الانكليزية – الامريكية في كل المواد الدراسية ما عدا التاريخ والجغرافيا واللغة العربية والدين , وكان لنا كتب خاصة في اللغة الانكليزية - الامريكية وفي العلوم والرياضيات وكان لثانوية كلية بغداد مختبرات متطورة للغة الانكليزية - الامريكية حيث تكون الدراسة بالسماع والترديد مع المسجلة لكل فصل من الفصول من هذه الكتب , حيث كان درس اللغة الانكليزية – الامريكية يقسم الى قسمين:

ساعة للمحاضرة وساعة لمختبر اللغة الصوتي (إن صح التعبير) , وهذا يعني (2) ساعتين باليوم , وكان في ثانوية كلية بغداد آنذاك 3 مدرسات امريكيات متزوجن من عراقيين وكما تلاحظون وكما هو في العرف الامريكي فهن اخذن القاب ازواجهن (دون الخالصي , ليزلي الداؤود , شيرين الخالصي) وكن يحرصن على تدريس الصفوف المبتدئة وهما الصف الأول والثاني المتوسط  بالتحديد لكي نتعرف ونتعلم اللغة الانكليزية - الامريكية من الامريكان بل من الامريكيات المتزوجات من عراقيين , كما كانت التعليمات تفرض علينا ( ليس فرض عقاب بل فرض مصلحة لتعلم اللغة) التحدث باللغة الانكليزية – الامريكية اثناء الفرص (اوقات الاستراحة ما بين المحاضرات) واثناء فترة الغذاء واثناء الانتظار لركوب الباصات بغرامة 5 فلوس اذا تحدثنا باللغة العربية بيننا ؟! هههههه ....

لم تكن الادارة صارمة في تطبيق هذه التعليمات الا اننا كنا نراقب انفسنا وندفع الـ 5 فلوس غرامة لاننا كنا ندري بانها تذهب لصندوق مساعدة الفقراء والمساكين ....

لم ندرس المنهاج الحكومي العراقي في اللغة الانكليزية إلا في الصف الثالث المتوسط والسادس الاعدادي (بسبب امتحان البكالوريا) حيث نمر عليه مر الكرام في أقل من شهر واحد فقط ؟!

(هل انتبهتم بانني قلت (كتبت) بان المنهاج الدراسي الحكومي لوزارة التربية للمدارس العراقية هو اللغة الانكليزية بينما المنهاج الدراسي لثانوية كلية بغداد هو منهاج اللغة الانكليزية – الامريكية).

اسست ثانوية كلية بغداد سنة 1932م بطلب من المسيحيين الكاثوليك العراقيين الى البابا في الفاتيكان آنذاك وهي تتبع نظام التدريس اليسوعي Jesuits , وهو نظام الدراسة للكنيسة الكاثوليكية في العالم , ومنه فلقد تم تسميتها كلية بغداد (Baghdad College)  على اسم ولتشابه اسم بوسطن كولج (Boston College) وبوسطن كولج تعتبر مركز ومقر الدراسة اليسوعية Jesuits للكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة الامريكية , ومنه فاختصار كلمتي بوسطن كولج هو نفسه اختصار كلمتي بغداد كولج وهو BC , ومن الجدير بالذكر بان جامعة ديترويت هي ايضا من ضمن المدارس اليسوعية Jesuits , اذكرها هنا لان اغلب الجالية العراقية وخصوصا الكلدانية تقيم في ديترويت وضواحيها.

تقع ثانوية كلية بغداد في الجانب الشرقي من مدينة بغداد والمسمى بالرصافة وفي منطقة الصليخ بالتحديد يقابلها من جانب الكرخ منطقة الكاظمية المقدسة على ارض شاسعة تحيط بها بساتين النخيل (آنذاك) وهذه المساحة الشاسعة تضم 4 ملاعب لكرة قدم بالمقاييس الدولية بحيث كانت جامعة بغداد (أكرر جامعة بغداد ليس لها أي علاقة ادارية بثانوية كلية بغداد) تقيم مباريات الدوري لفرق جامعات بغداد على ملاعب ثانوية كلية بغداد ؟! وملعبين (2) للعبة البيسبول حسب المقاييس الامريكية (يمكن ان يحولا لملعب كرة قدم بعوارض متنقلة كانت موجودة) وملعبين (2) للعبة كرة السلة وملعب لكرة الطائرة مع 6 ملاعب لكرة التنس و 10 ملاعب لكرة الهاندبول (على الحائط) او للتدرب على لعبة التنس او السكواش.

كتب احدهم بان لعبة البيسبول قد دخلت العراق سنة 2003م مع دخول القوات الامريكية للعراق ؟! الا ان ذلك خطأ تأريخي فادح ؟! فلقد دخلت هذه اللعبه للعراق سنة 1932م مع الاباء اليسوعيين الامريكان الذين اسسوا ثانوية كلية بغداد وكانت مباريات دوري البيسبول تجري في العراق امام عيني (في السبعينات واكيد منذ الاربعينات او حتى الثلاثينات) بين صفوف ثانوية كلية بغداد المختلفه وفرق كليات جامعة الحكمة (الهندسة وادارة الاعمال) وبين فريق ثانوية كلية بغداد وفرق الطلاب المتخرجين من ثانوية كلية بغداد في كليات جامعة بغداد المختلفة ومنه على سبيل المثال فريق البيسبول للصف الخامس5A في ثانوية كلية بغداد يلعب مع فريق البيسبول للصف الأول من كلية الطب في جامعة بغداد مع العلم بأن اعضاء فريق البيسبول للصف الأول من كلية الطب في جامعة بغداد كلهم (أكرر كلهم) من خريجي ثانوية كلية بغداد وتعلموا لعبة البيسبول فيها بل كانوا لاعبين بيسبول في فرق صفوف ثانوية كلية بغداد المختلفة.

ومن الجدير بالذكر بأن جامعة الحكمة هي امتداد لثانوية كلية بغداد (اسسها الاباء اليسوعييون الامريكان سنة 1956م) وكان مؤملا لها بأن تصبح منافسا اكاديميا قويا للجامعة الامريكية في بيروت ؟! الا انها اغلقت بعد مجيئ حزب البعث للحكم سنة 1968م وطرد الاباء اليسوعيين الامريكان من العراق سنة 1969م , ومن الجدير بالذكر أيضا بان (الاباء اليسوعييون الامريكان) كانوا قد اسسوا ثانوية امريكية للبنات كانت لديها عدة اسماء منها: كلية بغداد للبنات , ثانوية بغداد الامريكية للبنات الا ان الاسم الدارج كان (الامريكان) هكذا فقط وهي تقطع في منطقة المنصور بالقرب من شارع الأميرات.

تضم ثانوية كلية بغداد (آنذاك) 3 بنايات رئيسيه من 2-3 طوابق مبنية بالطابوق الاصفر مع ملحقين وبناية مطعم كنا نسمية كانتين Canteen وهو نفس التسمية الامريكية للمطعم في المدرسه وهو مرادف لكلمة كافيتيريا اليوم.

البناية الرئيسية كانت تضم في الطابق الأول الادارة مع بعض صفوف الأول المتوسط وفي الطابق الثاني مختبر اللغة الانكليزية - الامريكية ؟! مختبر متطور جدا يحتوي على مكتب للاستاذ يشمل على كونترول للاجهزة الصوتيه والتي ترتبط بكراسي الطلاب عن طريق مايكروفونات وسماعات للاذن مع اجهزة تسجيل لقراءة الفصول المخصصه للمختبر في كتاب اللغة الانكليزية – الامريكية , وفي الطابق الثاني ايضا المكتبة على الطراز الامريكي في الفهرسة للكتب بنظام انديكس كاردز(Index Cards)  مما يسهل الحصول على الكتب المختلفة  وكانت هنالك غرفة لتحميض الافلام من التصوير الفوتوغرافي وتلسكوب صغير لمطالعة النجوم , ومنه فلقد كانت هنالك قاعة للصلاة في ذلك الطابق كان يديرها استاذ حسين ؟! واعتقد بانه كان معيد ؟! لم اقابل استاذ حسين إلا مرتين (2) رغم ترددي للصلاة هنالك الا ان البعض من اصدقائي كانوا يرتبون زيارات معه الى مدينة النجف المقدسة لزيارة المرجع الديني الشهيد محمد باقر الصدر وبعدها بسنيين سمعت بانه تم اعتقاله واعدامه بتهمة الانتماء لحزب الدعوة (الله يرحمه).

الملحقين وهما الأول وهو خلف البناية الرئيسية كان لصفوف الأول المتوسط مع وجود صف في المنتصف كان يتخذ كمكتبة لبيع الكتب والدفاتر الخاصة بثانوية كلية بغداد ومنه فالملحق الثاني يمتد بالاتجاه الشرقي ليصل الى البناية الثانية وكان مخصص للصفوف الثاني متوسط مع وجود بناية مربعة صغيرة كحمام (تواليت - مكرم السامع) ما بين الملحقين و كما كان هنالك مختير صوتي صغير للغة الانكليزية – الامريكية في ذلك الملحق ايضا.

البناية الثانية في اتجاه الشرق كانت (آنذاك – في وقتي) للصفوف الثالث المتوسط والرابع والخامس الاعدادي مع غرفتين خاصة للمعاون والاساتذة.

البناية الثالثة كانت للصف السادس الاعدادي مع المختبرات ؟! والتي لم يكن حتى لجامعة بغداد مثيلا لها ؟! مختبر الكيمياء والفيزياء والاحياء .... باحدث المواصفات الامريكية ....  مع غرفتين خاصة للمعاون والاساتذة , الكثير من صفوف هذه البناية مدرجه بحيث يمكن استعمالها كقاعة سينما ؟! واغلب المدرسين كانوا يستعملون العارضة الضوئية للتدريس وفي بعض الاحيان الافلام التدريسيه الامريكيه.

انتبهوا الى الذكاء العملي للامريكان ؟! بما ان ثانوية كلية بغداد تحتوي على الكثير من المختبرات ومنه مختبرات الصوت للغة الانكليزية – الامريكية والذي يتطلب اجهزة كهربائية صوتيه متخصصه وكثيرة ومتعددة ومختبرات الكيمياء والاحياء لصفوف الخامس والسادس اعدادي فلقد اسست الكهربائيات حسب النظام الامريكي وهو 120 ڤولت ؟!

زين شلون الكهرباء بالعراق 240 ڤولت ؟! نو ݒروبلم ....ليست مشكلة ... No Problem

فلقد نصبوا محولة عند نقطة دخول التيار الكهربائي الى الصندوق الرئيسي والتي تحول الڤولتيه من 240 عراقي الى 120 امريكي ؟! ومنه فلقد كانت الاجهزة الكهربائية المتنوعه تشترى من الولايات المتحدة الامريكية وتشحن للعراق خصيصا لثانوية كلية بغداد وبدون اية مشكلة ؟!.

من الامور المميزة لأغلب مدارس الولايات المتحدة الامريكية ومن الثانوية والى الجامعة هي:

1-    وجود كتاب سنوي يصور الحياة في الثانوية او الكلية او الجامعة ومنه اخذ صورة جماعية لكل صف مع استاذهم المشرف ؟! ومنه فلقد كان لثانوية كلية بغداد كتاب سنوي يسمى (العراقي) تنشر فيه هكذا صور ومنه صور طلاب السادس العلمي والذين سيتخرجون مع وصف بسيط لكل طالب وطموحه الدراسي , فيما يضم كل الصفوف كصور جماعية لكل صف لوحده مع استاذه المشرف , كان هذا الكتاب يوزع على كل الطلاب لقاء اجر بسيط ليغطي كلفة طبع الكتاب , لا ادري ان كانت المكتبة قد نهبت ايام الحصار الا ان هنالك نسخ على  الانترنيت ترجع الى سنة 1950م ؟! والقصد هنا بان خريجي ثانوية كلية بغداد لديهم هذه الكتب فقاموا بنشرها .....

 

2-    عقد لقاء للخريجين كل 10 سنوات يسمى بـ ري يونيون Reunion في الثانويات الامريكية وهو اسلوب لطيف لاجتماع رفقاء الامس ليروا ما حل ببعضهم البعض ؟! لقاء الخريجين هذا يعقد في مدينة بوسطن الامريكية لخريجي ثانوية كلية بغداد كل سنة ؟! ولقد نقلوا مكان اللقاء سنة 1996م فقط الى مدينة ديترويت الامريكية بسبب هجرة الكثير من الخريجين الى الولايات المتحدة الامريكية كنتيجة مباشرة للحصار الذي فرض على العراق بعد غزو صدام للجارة الكويت , ذهبت الى اللقاء في فندق الحياة ريجنسي في مدينة ديربورن وبالتحديد في فيرلين مول ....

حيث احيا الحفل الفنان الهام المدفعي (اذكره للتاريخ فقط لاغير).

في الجانب الجنوبي الشرقي تقع  دور السكن لسائقي باصات ثانوية كلية بغداد وهي نفس الباصات الامريكية ذوو اللون الاصفر المتميز والتي كانت تنقل طلاب ثانوية كلية بغداد من والى مناطق سكناهم في انحاء مدينة بغداد ومنه وبسبب عدم اهتمام الحكومة العراقية بثانوية كلية بغداد وطرد الآباء اليسوعيين (تأميم الثانوية) عند مجئ حكم البعث للعراق في سنة 1968م  واحالة ادارتها الى وزارة التربية والتعليم العراقيه وعدم توفير باصات اضافية حيث لم تكن اعداد الباصات كافية لنقل كل الطلاب من والى كافة ارجاء بغداد كانت كل الباصات تذهب وترجع في وجبتين:

وكنا نسميها فرست وسكند (الاولى والثانية First , Second ,) ... فوجبة الباصات (الفرست – الاولى)  للكرخ ووجبة الباصات (السكند – الثانية) للرصافة (هذا صباحا) ومنه مثلا فجرس الدوام كان يدق الساعة 9 صباحا الا انني كنت من سكنة الكرخ فانا في وجبة (الفرست – الاولى) صباحا فكنت اركب الباص الساعة 7 صباحا واصل الى ثانوية كلية بغداد الساعة 8 صباحا وانتظر الى الساعة 9 صباحا لبداية الدوام لان الباصات ذهبت لتجلب الطلاب من جانب الرصافة والعكس صحيح فعند انتهاء الدوام في الساعة 2 ظهرا كنت انتظر الى الساعه 3 ظهرا لينقلني الباص الى جانب الكرخ ؟! فكنت اصل البيت الساعة 4 ظهرا تقريبا ومنه فوجبة (الفرست – الاولى)  صباحا تتحول الى وجبة (السكند – الثانية)  ظهرا وهذا يعني بأن الطلاب وجبة (الفرست , الاولى) صباحا كانوا مظلومين ؟!  لان عليهم ان ينتظروا ساعتين (2) ؟! ساعة صباحا وساعة ظهرا.  

كنت استغل هذه الساعة الصباحية في الذهاب الى المكتبة والدراسة ايام الامتحانات أو للعب كرة القدم او كرة السلة او البيسبول او التنس او الهاندبول أو قضاء الوقت في النقاشات العامة من فكرية الى ادبية الى علمية الخ  في الايام الاخرى وبقية الطلاب كانوا هكذا كل حسب ميوله واهتماماته.

كنت اعتقد بأن دوامي كطالب في ثانوية كلية بغداد كان 9 ساعات باليوم لانني كنت من سكنة جانب الكرخ ؟!

بينما كان دوام طالب في ثانوية كلية بغداد ساكن في جانب الرصافة 7 ساعات باليوم ؟!

ومنه فدوام أي طالب اعدادية في العراق وفي منطقته 5 ساعات باليوم ؟!

4 ساعات الدوام الرسمي وخلي نقول نصف ساعة للذهاب ونصف ساعة للرجوع ؟!

ولكن وانا اكتب هذه السطور انتبهت بان دوامي في ثانوية كلية بغداد كان لمدة  11 ساعة باليوم ؟! ليش ؟!

6:00  صباحا (الاستيقاظ من النوم).

6:00 – 6:15 صباحا (غسل الوجة والاسنان ووجبة الفطور)

6:15 – 6:45 صباحا (المشي الى الشارع العام لركوب الباص – احتياط 15 دقيقة (يجوز يجي الباص قبل الموعد).

7:00 – 8:00 صباحا (في الباص وجبة (الفرست – الاولى) باتجاة الصليخ عبر جسر الائمة وساحة عنتر باتجاه ثانوية كلية بغداد في الصليخ).

8:00 – 9:00 صباحا (انتظار الدوام , دراسة في المكتبة أو لعب كرة قدم , سله , بيسبول , هاندبول , تنس , الخ).

9:00 – 2:00 ظهرا ( دوام , المفروض 4 ساعات بس ساعة اضافية لان درس اللغة الانكليزية – الامريكية هو  2 ساعتين ساعة نظري وساعة عملي مختبر صوتي).

2:00 – 3:00 ظهرا (انتظار الباص للذهاب الى البيت في وجبة (السكند – الثانية) دراسة في المكتبة أو لعب كرة قدم , سله , بيسبول , هاندبول , تنس أو المناقشات أو الخ).

3:00 – 4:00 ظهرا (رحلة العودة في الباص الى البيت , الطلاب متعبين بعد نهار دراسي شاق).

4:00 – 4:30 ظهرا (المشي الى البيت من الشارع العام مع جنطة الكتب والتي وزنها 10 كيلوغرام .... هههههه).

كنت انام فور وصولي البيت من التعب ولان ورائي دراسة , من الساعة 6:00 عصرا وحتى الساعة 11:00 مساءا تتخللها فترة عشاء وصلاة فقط ولذلك كنت اطلع قهري بالعطل وخصوصا الصيفية , ولا تقولوا لي بأن يوم الجمعة عطلة ؟!

هههههههههههههه ....

الجمعة كانت عطلة بعدم الذهاب الى المدرسة فقط ؟! ولم تكن عطلة عن الدراسة ؟! لأنه كل سبت (بداية الاسبوع الدراسي آنذاك) اكيد كان عندنا امتحانين او ثلاثة ؟! ولا تنسوا الاختبارات المفاجئة والتي تسمى بـ كويز Quiz  ؟! كل يوم (أكرر كل يوم) ؟! لأن ثانوية كلية بغداد لم تكن تتبع المنهاج الدراسي لنظام المدارس الاهلية الخاصة الامريكية فقط بل مدارس المتفوقين في الولايات المتحدة الامريكية وهي ليست بالطبع كالمدارس الحكومية الامريكية المتدنية المستوى (اغلبها وليس كلها – تعتمد على المنطقة الجغرافية) ؟! والقصد هنا لقد كانت ثانوية كلية بغداد ليس فقط مدرسة امريكية بل مدرسة امريكية وخاصة وللمتفوقين (اليوم يسمونها للمتميزين).

احلى يوم كان الخميس بعد الرجوع من المدرسة والنوم والاستيقاظ عند الساعة 6:00 عصرا لانني كنت التقي مع بعض الاصدقاء من ثانوية كلية بغداد ونتمشى في شارع المنصور من شارع 14 رمضان مرورا بمرطبات الرواد والى جسر الخر بالقرب من نقابة الاطباء والهلال الاحمر العراقي ثم نعود ادراجنا الى بداية شارع المنصور وتقاطع  شارع 14 رمضان وفي بعض ايام (الخميس) كنا نتجول في شارع الكرادة , الا ان المنصور كانت المفضلة عندنا.

الصفوف في ثانوية كلية بغداد كانت متميزة وليست كصفوف بقية المدارس في العراق ؟! لانها كانت تضم طلاب من اغلب احياء بغداد ومناطقها ومنه فالصداقات القائمة كانت تضم طلاب من مختلف احياء بغداد ومناطقها ومنه فاغلب (أكرر أغلب) طلاب ثانوية كلية بغداد لم يكونوا معروفين في مناطقهم لسببين:

الاول لانهم مشغولين بالدراسة فلا يشاركون ابناء جيرانهم في اللعب خارج الدار في المنطقة.

الثاني لانهم لا يداومون في المتوسطة او الثانوية او الاعدادية لذلك الحي او المنطقة .

كانت الصداقات تنشأ في الصف الواحد للتعاون على الدراسة لانها صعبة وهذا أمر طبيعي ؟! الا أنه وفي نفس الوقت كانت هنالك صداقات مع طلاب من صفوف أخرى لاسباب متعدده منها الجيرة (جيران في نفس المنطقة) , الجلوس في الباص على نفس المقعد , الدراسة في المكتبة سوية , لعب كرة القدم أو السلة او البسبول او الهاندبول او التنس , الخ ؟! أو لتشابه الاراء والافكار في النقاشات العامه والخاصة ؟! ومنه مثلا كان في كل صف عدة مجموعات كنا نسميها آنذاك (كومݒني - Company) ومعناها باللغة الانكليزية هو: إما شركة تجارية (ليس المقصود) أو صحبة (من الاصحاب) وهو المقصود , واعتقد بانها اليوم تسمى گروب (مجموعة - Group) ومنه مثلا في المجموعة التي كنت انا فيها كنا 5 طلاب ومن هذه المناطق:

المنصور (شارع الاميرات) , 14 رمضان , اليرموك (4 شوارع) , الكاظم (شارع الكورنيش) , الكرادة (شارع المسبح) , فكنا نلتقي كل خميس عند الساعة 6:00 عصرا عند تقاطع شارعي 14 رمضان مع شارع المنصور ثم نبدأ بالتمشي والى جسر الخر ثم نعود مع التوقف طبعا عند دوندرمة الرواد أولا والذي لا يبعد عن هذا التقاطع الا بمسافة قصيرة ثم محطتنا الثانية كانت اورزدي باگ ومن ثم الى محل كان يسمى (بابيت) لبيع احدث موديلات الملابس الرجاليه والنسائية الاجنبية والأهم أحدث ماركات بنطلون الـ جينز Jeans – والذي يسمى خطأ بالعراق بالكاوبوي والى اليوم ؟! هذا المحل يقع على الجهة اليسرى من شارع المنصور بعد الفلكة (الدوار) المقابل لشارع وزارة النفط ومكتب الخطوط الجوية العراقية ومنه الى الفلكة (الدوار) التي بعدها (نسيت اسمها ويمكن ما كان لها اسم) الا انها كانت اذا استمريت فيها (باستمرار شارع المنصور) شرقا فستعبر جسر الخر وستكون نقابة الاطباء على يمينك وجمعية الهلال الأحمر العراقي على يسارك ومن بعدها اذا استمريت سيكون معرض بغداد الدولي على جهة اليمين وعلى جهة اليسار ملعب نادي الكرخ وثانوية المنصور التاسيسيه وسيكون امامك ركن (زاوية) حديقة الزوراء وفي تلك الزاوية بالتحديد كان مطعم اللؤلؤة (في السبعينات) , أما اذا انحرفت من تلك الفلكه يسارا (باتجاه الشمال) فستصل الى فلكة ابو جعفر المنصور مرورا بالاسواق المركزية على جهة اليسار والتي كانت سابقا اصطبل لخيول (الريسز - Races) كلمة انكليزية تعني سباقات (الخيل) , ومنه فأكل الدوندرمة (الايس كريم) من الرواد في البداية يمنحنا الطاقة للوصول مشيا الى هذا المكان الا اننا كنا نتعشى هناك ؟!  فآنذاك كان هناك مطعم يبيع الدجاج بالتنور وهنالك مطعم يبيع الكص (الشاورما) على الطريقة اللبنانيه وهي كانت المودة الماشية آنذاك.

ولاننا كنا 4 اشخاص من الكرخ وشخص واحد فقط من الرصافة فكنا نقضي اغلب ايام الخميس هذه في المنصور الا انه في بعض المناسبات كنا نذهب الى الكرادة لنتمشى في شارعها الرئيسي ..... هذا بالنسبة للترفيه عن النفس ؟! الا اننا كنا نلتقي ايضا للدراسة قبل يوم او يومين من امتحان شهري صعب في بيت من بيوت احد افراد المجموعه.

أيام الاشهر الثلاثة الاولى من الدوام في الصف الأول المتوسط في ثانوية كلية بغداد كانت الاصعب حيث كانت المحاضرات بالانكليزي – الامريكي مع كون الاستاذ يتكلم عربي فيترجمها لنا وفي بعض الاحيان يتركها لنا لنترجمها في البيت ؟! كل المواد باللغة الانكليزية – الامريكية ماعدا مواد الجغرافيا والتأريخ واللغة العربية والدين ؟! الا اننا كنا ناخذ ساعتين باليوم درس اللغة الانكليزية - الامريكية ومنه حفظ الكثير من المفردات فاصبح الامر سهل علينا بعد 3 شهور وحلول السنة الجديدة.

ومن الجدير بالذكر بان أحد الآباء اليسوعيين كان قد كتب عن ثانوية كلية بغداد كتاب اسماه:

اليسوعييون (على ضفاف) دجلة (يقصد نهر دجلة)  Jesuits by the Tigris

وهذا الكتاب متوفر على شبكة الانترنيت ببلاش ؟! الا انني اعتقد بأن القليل من طلاب او خريجي ثانوية كلية بغداد قد قاموا بقراءته ؟! لان هكذا هي عقلية اغلب سكان الشرق الاوسط بعدم الاهتمام بالتفاصيل الا ما رحم ربي ....

ومنه فانكم ترون بأم اعينكم بانني يمكن (أكرر يمكن) الوحيد ؟! الذي كتب عن هذه التجربة الفريدة في العراق بل في الشرق الاوسط ....

مع بداية عطلة رأس السنة وبعد 3 شهور من الدراسة القاسية ذهبت مع خالتي للترحيب بجيراننا الجدد ؟! ويال هول المفاجئة دكتور ودكتورة (ليسوا اطباء) عراقيين درسوا في الولايات المتحدة الامريكية وعادوا الى العراق ضمن قانون الكفاءات ...

 ولديهم ولد و3 بنات ..... والكل (الولد والبنات الثلاثة) لا يتكلمون اللغة العربيه على الاطلاق ... والخبر المفرح هو بان الولد بعمري بالضبط .....

وهو طالب في ثانوية المنصور التاسيسية ولم يستطع من دخول ثانوية كلية بغداد لانه تأخر في الوصول للعراق ....

الحمد لله رب العالمين على هذه الصدفة ...

بل هذا ما قاله الابوان لي من عرفوا بانني طالب في ثانوية كلية بغداد وايضا من شافوني اتكلم مع ابنهم بسهولة جدا ... ولكن ليس بطلاقة (في ذلك الوقت) ؟! فقالوا لي البيت بيتك انت تعلم اولادنا عربي وهم يعلمونك الانكليزية - الامريكية.

لن اذكر كل التفاصيل عنهم حفاظا على خصوصية العائلة الا انهم كانوا قد جلبوا معهم تقريبا 50 صندوق حديدي يشتمل على كل اغراض واثاث بيتهم في الولايات المتحدة الامريكية ومن ضمنه مكتبة عامرة بكافة انواع الكتب ومن ضمنها مجموعة موسوعات في التاريخ والجغرافيا والعلوم بمجلدات تفوق الـ 100 مجلد ....

كل شيئ في البيت امريكي ... الاثاث , ادوات المطبخ , الالعاب (اشكال والوان من الالعاب الامريكية من الرياضة الى الالعاب الذهنية كلعبة منوبولي ولعبة رسك ولعبة سكرابل , الخ ) , الدرجات الهوائية , اسطوانات الموسيقى , عدة آلالات موسيقية , انواع واشكال من افلام الفيديو سواءا اكانت افلام تجارية مشهورة في الولايات المتحدة الامريكية او حتى افلام رحلات العائلة في الولايات المتحدة الامريكية ؟!

بإختصار شديد من تدخل البيت تشعر وكانك في بيت في الولايات المتحدة الامريكية بالضبط ؟! واصبح بامكاني استعمال كل هذه الاشياء بموافقتهم بل انهم كانوا يطلبون مني استعمال كل هذه الاشياء لكي اترجم لهم بالعربي ....

انتابني شعور وانا اصلي صلاة العشاء تلك الليلة بان الله يريدني ان اتعلم كل شيئ عن الولايات المتحدة الامريكية لسبب كنت (أكرر كنت) اجهله ....

والا معقوله انا ادخل ثانوية كلية بغداد الامريكية ويجي يسكن بجانب بيتنا كجيران ناس عراقيين كانوا عايشين في الولايات المتحدة الامريكية ورجعوا للعراق وجايبين كل الاغراض الامريكية ولا وچماله ابنهم بنفس عمري ولا يتكلم اللغة العربية حتى اضطر اتكلم انكليزي – امريكي معه لكي اضبط أنا اللغة الانكليزية – الامريكية خلال سنة واحدة فقط لا غير ...

وليس فقط ضبط اللغة بل التعرف على المجتمع الامريكي من خلال ما جلبوه للعراق مما ذكرته في وصف بيتهم ...

وكل هذا في متناول يدي ؟! شيئ لا يصدقه العقل ....  

خلال سنة واحدة فقط اتقنت اللغة الانكليزية - الامريكية وليس هذا وبس ولكن تعرفت على المجتمع الامريكي وعن قرب جدا جدا بالعيش في بيت امريكي – عراقي ان صح التعبير ....

مع العلم بانه كان لهذه العائلة اصدقاء من حملة الشهادات العليا والذين ايضا رجعوا للعراق بسبب قانون الكفاءات ومنه فالبعض منهم كانت زوجته امريكيه ومنه فأنا وبعمر 13 سنة  وبالاختلاط مع هذه العائلة واصدقائهم من العراقيين المتزوجين من امريكيات واولادهم .... كنت عندما يقيمون حفلة عيد ميلاد ويدعونني اليها وكنت اتكلم الانكليزية – الامريكية كان البعض من الحضور يعتقد انني كنت مع والدي في الولايات المتحدة الامريكية ورجعنا الى العراق ....

او أن والدتي امريكية ؟! ليس فقط بسبب اتقاني للغة بل لمعرفتي بالاتكيت الامريكي والذي تعلمته منهم ....

ولاقرب لكم الفكرة أكثر شلون اليوم عدنا جاليات عراقية تعيش في مدن مختلفة من الولايات المتحدة الامريكية ؟! وخصوصا في مدينة ديترويت الكبرى في ولاية مشيگن  ؟! فانا عشت مع الجالية الامريكية في بغداد والتي كان اغلب افرادها يتكون من عراقيين درسوا في الولايات المتحدة الامريكية وحصلوا على شهادات عليا ورجعوا للعراق في بداية السبعينات بسبب قانون الكفاءات مع عوائلهم (زوجاتهم وابنائهم وبناتهم) ومنه فكان اغلبهم متزوج من امريكية.

ومنه والطريف في الامر هو ؟! بعد أن كنت جزء من الجالية الامريكية في بغداد – العراق كطالب في ثانوية كلية بغداد ,

اصبحت جزء من الجالية العراقية في ديترويت - الولايات المتحدة الامريكية ؟! كـ طالب نفقة خاصة اولا ومن ثم كـ لاجئ سياسي لاحقا ومن ثم كـ مهندس مدني ولمدة 25 سنة.

لم يكونوا عائلة فالتون بل كانوا ملتزمين حد الصلاة والصوم وعلى بساطتهم ... وكاي عائلة عراقية من الطبقة الوسطى آنذاك (فترة السبعينات) لم يكن الدين مهم جدا في حياتهم بل في حياة الكثير من العراقيين ومع ذلك فلقد كانت الاصول والاخلاق والطيبة تغلب على المجتمع ..... مع الصلاة والصوم والزيارة كطقوس للعادات والتقاليد .... وليس بالضرورة بسبب الالتزام الديني .... بمعنى آخر كان أغلب الناس في العراق تخاف الله .... وإن كان اكثرهم لا يصلي ولا يصوم ؟!.

بعد ان علمته المحادثة باللغة العربية وعلمني الكثير من الكلمات للمحادثة باللغة الانكليزية – الامريكية والباقي تعلمته في ثانوية كلية بغداد سالته ذات يوم ؟! لماذا رجعتم للعراق ؟! قال:

اخواتي اصبح عمرهن 15 سنة وقد سمع ابي في يوم من الايام بأنهن يتحدثن عن موضوع البوي فريند (صديق ولد) يقول:

ثاني يوم كان ابي بالتباحث مع امي قد قرروا الرجوع للعراق وبعدها بشهر فقط وصلنا الى العراق .....

يقول: اشترينا سيارتين امريكيتين جديدتين وقمنا بتعبئة كافة غراض البيت في الـ 50 صندوق وركبنا السفينة (الباخرة) مع السيارات والصناديق من ميناء مدينة هيوستن في ولاية تكساس الامريكية باتجاه بيروت – لبنان .... وصلنا الى بيروت وبعنا السيارتين الامريكيه (حكومة حزب البعث لم تكن تسمح بدخول السيارات الامريكية للعراق الا ان سيارة الريس كاديلاك امريكي ؟! ههههه) واشترينا سيارتين مسموح بها لدخول العراق حسب قانون الكفاءات (لن اذكر نوعها حفاظا على خصوصية العائلة) واتجهنا مع شاحنة كبيرة تقل الصناديق الى العراق عن طريق البر ....

شاهدت أنا رحلة مجيئ هذه العائلة وبالالوان حيث قاموا بتصوير الرحلة لتعرض على شريط بروجيكتر من قياس 8 ملم (هكذا كان يسمى آنذاك).

استمر الحال هكذا بالنسبة لي بالدوام في ثانوية كلية بغداد وفي الصيف وايام العطل كنت اقضي معظم وقتي مع هذه العائلة العراقية – الامريكية واصدقائهم الامريكان العراقيين الى ان خرجت من العراق في نهاية السبعينات الى بريطانيا اولا كطالب نفقة خاصة لمدة 18 شهر ومن ثم الى الولايات المتحدة الامريكية كطالب نفقة خاصة حيث درست وتخرجت كمهندس مدني وعملت في مجال الهندسة المدنية لمدة 25 سنة ثم عدت للعراق سنة 2006م لاشارك في اعمار العراق ....

وما زلت في العراق ... وان شاء الله سابقى في العراق ... الى ان يقبض الله أمانته ...

 

29-02-2016م

مع تحيات المهندس سرمد عقراوي

كتاباتي ليست لا تفاخرا ولا مدحا بنفسي لا سامح الله ولكنني عشت في الغرب معظم حياتي وتعلمت منهم بان اكتب عن تجاربي في الحياة وكما يكتبون هم عسى ولعلها ان تنفع الاخرين ؟! وكما انا انتفع واستفيد من قراءة تجارب الاخرين ؟! ومن باب زرعوا فاكلنا نزرع فيأكلون ؟!.
 

 

 

ليست هناك تعليقات: