الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

كيف انظر الى الامريكان في العراق؟!


اغلبيه الناس تنظر الى الامريكان في العراق بانهم قوات قمع واحتلال جاءت لتمرير اجندات خفيه ولفرض ارادة الحكومة الامريكيه الامبرياليه الاستعماريه الصليبيه على الشعب العراقي المسلم وقد يكون هذا صحيحا بعض الشيئ ؟! وبدون اي لقاء بين عراقي وامريكي في ظروف غير ظروف الحرب ؟! فان احدهما لا يعرف عن الآخر أي شيى سوى: ان الامريكي يعتقد بان العراقي هو مسلم ارهابي ؟! وان العراقي يعتقد بان الامريكي صليبي محتل ؟! ومن باب ان الانسان عدو ما يجهل ؟! السؤال هنا هو من المستفيد من حالة الجهل هذه بين الطرفين ؟! اليس المستفيد هنا هو الحكومة الامريكيه واللوبي الصهيوني ؟! اوليس هذا باب من ابواب تطبيق سياسة فرق تسد ؟!. 
انكم تخطئون تماما حين لا تفرقون بين الحكومات والشعوب بل عندما تخلطون الاثنين معا ؟! وخلافا لما يردده الكثير من القومجيون والاسلامييون على حد السواء بان الشعوب ليست كالحكومات وان كانت منتخبه منهم. والدليل ما يحدث في العراق اليوم ؟! فغالبية الشعب العراقي هم اناس طيبون وذوو اخلاق , الا ان من انتخبناهم كانوا او اصبحوا حراميه ؟! فهل هؤلاء السياسيون في الحكومة العراقيه اليوم يمثلون الشعب العراقي؟! بالطبع كلا ؟! انا انظر للمسألة من منظار بان الشعوب حقا هي مختلفة تماما عن الحكام ومن الممكن جدا بان نبني علاقات متينه معها تمكننا من على الاقل من فرض وجهة نظرنا عليهم وعن طريقهم وفي دولهم ؟! فكل الامريكان في العراق هم سفراء للشعب الامريكي في العراق؟! والامريكان يختلفون عن غيرهم من الشعوب كالانجليز او الفرنسيين او غيرهم ؟! لانهم شعب هجين جاء من كل اصقاع الارض بل من كل فج عميق كمهاجر اجنبي ليعيش على ارض الهنود الحمر وهذا والله ليس فقط يخدمنا بل يصب في مصلحتنا ؟! لاننا  نستطيع بقوة عاداتنا وتقاليدنا وديننا من ان نغير بعضهم ونرسلهم راجعين الى امريكا كسفراء لنا ولعاداتنا ولتقاليدنا وديننا بل كسند وظهير لنا في بعض الاحيان . انظروا للموضوع من وجهة نظري بان كل الجنود والضباط والمقاولين المدنيين والدبلوماسيون الامريكان في العراق هم طلاب مبتعثون من قبل الحكومة الامريكيه  للدراسه في العراق ؟! وبهذا تتضح لكم فكرتي اكثر ؟! واليكم بعض الشواهد:

1-    يعتقد الامريكان وبوضوح اكثر من الاوربيين (لانهم شعب مهاجرين) بقصة الانجيل عندما يتكلم بان جميع الشعوب كانت شعب واحد في بابل العراق وانهم عندما اتفقوا على بناء برج بابل للوصول الى السماء فان الله سبحانه وتعالى غير لغاتنا لكي لا نستطيع بناء البرج وفرقنا في العالم. ومنه فانني عندما خدمت في العراق كمهندس استشاري للقوات الامريكيه في معسكرات الجيش العراقي غالبا ما كنت اسمع احد الجنرالات او المثقفين من الشعب الامريكي يقول:
هذا هو بلدنا الأم ويقصد العراق ويجب علينا خدمته.

2-    كان الكثير من الجنود الامريكان يقرأ الانجيل وفي الانجيل فإن الخالدان دجلة والفرات يعتبران نهران مقدسان ؟! وكم من مرة كنت اسمع بان الضباط والجنود ذهبوا او يريدون الذهاب الى نهر دجله للغسل فيه لانهم يعتقدون بانهم سيغتسلون في النهر المقدس المذكور في انجيلهم مع انه كان مخالفا للتعليمات العسكريه ؟! فماذا سيحصل ان اصبح معلوما للجميع بان العراق هو ارض المقدسات وليست اسرائيل في وجهة نظر الشعب الامريكي؟!.

3-    اول شيئ يريد ان يفعله الامريكي في العراق هو زيارة اور لسببين: الاول زيارة اول حضارة انسانيه عرفها البشر حيث يعتبرها الامريكي بدايه لحضارته والثاني زيارة بيت ابونا ابراهيم (ع) وعند دخولهم للبيت فانهم يصيحون انفعالا ولا شعوريا هنا بيت ابونا ابراهيم (ع), هنا كان اجدادنا ؟! هنا بدأ التأريخ ؟! بل انه ورغم ظروف الحرب لم يبقى امريكي في العراق الا وزار هذه الاماكن.

4-    يعتقد الامريكان باننا بني البشر ومنذ هجرتنا من بابل العراق ووصولنا الى غرب امريكا فاننا قد اتممنا دورة كامله حول الكرة الارضيه, والعله في ذلك هي باننا ان ذهبنا غربا من امريكا فسنصل اليابان والصين وكوريا وهي من دول الشرق فتم الدوران حول الكرة الارضيه بذلك. اما دخولهم للعراق (بابل) فهو اكمال آخر لهذه الدوره حول الكرة الارضيه بالرجوع الى بابل العراق موطن الاباء والاجداد لكل البشر ولها مغزى تأريخي كبير لا يشعر به الامريكي عندما يذهب الى السعوديه او قطر او البحرين او تركيا او حتى اسرائيل ؟! انه شيئ جميل ورائع ولا يخص اي بلد آخر في العالم الا العراق.


5-    كان الضباط والجنود الامريكان وبدعايه من حكومتهم يعتقدون بان امريكا احسن بلد في العالم ؟! وقد يكون هذا صحيح بالنسبه للتنظيم وسلاسه الحياة في المعاملات الرسميه ؟! الا انهم اكتشفوا بتواجدهم في العراق بان شعوب الشرق الاوسط ومنها العراق تعيش حياة افضل بالنسبة لامور أخرى كثيرة ما عدا السياسه ؟! مما كسر طوق نحن الافضل لديهم والمفروض عليهم بدعاية من حكومتهم الامريكيه.

6-    الكثير من الجنود والضباط الامريكان يتمنون ان يستقر العراق امنيا ليأتوا مع عوائلهم من نساء واطفال لزيارة العراق؟! بل ان قسم منهم قد زار العراق للسياحه وكشخص مدني رغم تحذيرات الحكومة الامريكيه لمواطنيها بعدم السفر للعراق فرادى , واحدهم يكتب في النت انطباعاته عن الزياره بصدق واخلاص تستطيعون الاطلاع عليها.

اقرأوا التأريخ لتروا ماذا حصل للامريكان في فيتنام ؟! بعيدا عن الخسارة العسكريه ؟! اغتصب او تزوج او عاشر الجنود الامريكان الفيتناميات ؟! فظهر جيل جديد من الفيتناميين الامريكان وعدده يقدر بـ 400 الف طفل كبروا واضطرت الحكومه الامريكيه من اعطائهم الجنسيه الامريكيه ؟! واغلبهم الآن في امريكا ونجحوا في اجبار الحكومة الامريكيه على اعادة العلاقات الدبلوماسيه بل الاقتصاديه بين البلدين ولصالح فيتنام.
انتبهوا الى نقطه تأريخيه مهمه ؟! ماذا كان يفعل الجنود عندما يحاصرون مدينه ما ؟! ولمدة ما ؟! من الايام والشهور وينتصرون عليها بتجويع سكانها في الازمنه الغابره ؟! كانوا يعاشرون نسائها بعد السقوط ؟! وما معنى ذلك ؟! انصهار للجيشين في بودقه واحده يظهر فيه جيل جديد ومن الاثنين ولكن الأم هي المدرسه وهي من يصقل الجيل الجديد لصالح الجيش المنهزم في الحصار. ما حدث في العراق هو نفس الشيئ وإن لم يكن زواج رجل بإمراة ؟! بل كان زواج أفكار وآراء العراقيين والامريكان كشعبين وليس كحكومات ؟! وحضارة وتأريخ العراقي هي الاصل وهي الأم ولا تعلوا عليها (تكنلوجيا الامريكي) ان صح التعبير.

هؤلاء الامريكان الذين دربناهم في العراق بل اغلبهم هو من درب نفسه على عاداتنا ونمط معيشتنا هم من سيشارك في مسيرة التغيير في امريكا على اللوبي الرأسمالي من مصاصي دماء الشعوب بحكمة الجبار؟! وما رياح التغيير في الخريف الامريكي والمظاهرات التي عمت مدينة نيويورك في الاونه الاخيره الا البدايه وسترون منهم ما يسركم جدا جدا ؟! حيث قامت السلطات الامريكيه باعتقال 700 شخص في يوم واحد ويمكن بان هذا العدد سيدخل في موسوعة غنيس للارقام القياسيه ؟! هؤلاء الامريكان وان لم يكن اغلبهم من الجنود الذين كانوا في العراق الا انهم سيكونون واسرع مما تتصورون ؟! وهؤلاء يحتجون على البنوك والثراء الفاحش لبعض الامريكان وانتم مفتحين باللبن وتدرون من يقصدون ؟! وعلى كولتنا وكما علمت الكثير من الامريكان حكم وامثال بلدهم الأم العراق : ناس مليانه وتتبطر وناس على الخبزه تتحسر, والشعوب دائما تنتصر مهما طال الزمان , وان غدا لناظره لقريب.

سئل هاري ترومن احد رؤساء الولايات المتحده الامريكيه الا تعتقد بانك منحاز تجاه اليهود وضد العرب ؟! فأجاب انا لا اعرف ولا حتى شخص واحد عربي ولكن اقابل اكثر من شخص يهودي كل يوم.

سنة 1996م على ما اذكر قصفت الولايات المتحدة الامريكيه العراق وبغداد بالخصوص بصواريخ كروس كنت يومها مازلت في امريكا واعمل في دائرة هندسيه وكنت اصل الى الدائرة للدوام عادة قبل مديري. دخل مديري الامريكي وهو يبكي ؟! هرعت اليه وسألته ؟! ماذا حدث هل ماتت امك ؟! هل مات ابوك ؟! هل تعرض احد ابناؤك الى حادث ؟! ما الخبر؟! فاجابني الم تسمع الاخبار فقلت له لا ؟! فقال لي لقد قصفوا العراق بالصواريخ ؟! فقلت له الم اشرح لك مئات المرات بان هدام مجرم وسفاح ودكتاتور ومجرم ويستاهل ؟! فقال لي: انا لا ابكي على هدام ؟! سابقا لم اكن اعرف اي عراقي ؟! واذا قصف العراق ام لا لم يكن الموضوع  يهمني ابدا ؟! ولكنني منذ ان عرفتك كعراقي فانني كلما يقصف العراق فانني اخاف بان يخطئ احد صواريخنا الهدف ويسقط على بيت شخص عراقي مثلك ؟! وهذا ما يحزنني ويبكيني؟!.

واختم بالقصة المنقوله عن احد تلاميذ السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره) وباختصار شديد.
جاء احد رجالات المخابرات الى بيت السيد في النجف وطلب مقابلته فاستقبله السيد برحابه وبشاشه وسعة صدر, وكان وقت غذاء ونصبت المائده فكان السيد يلاطفه بل يطعمه بيديه الشريفتين ؟! انحرج الرجل كثيرا وبدا يبكي ؟! فسأله السيد لماذا تبكي؟! فقال له سيدنا انا ضابط  مخابرات في القصر الجمهوري وجئت لاقتلك بأمر منهم وانت تطعمني بيديك ؟! رجع هذا الرجل الى بغداد وتم اعدامه لفشله في مهمة قتل السيد محمد باقر الصدر(قدس سره).
فاذا كان السيد الشهيد قدوه لنا ؟! وتعاملنا مع الشعب الامريكي (اكرر الشعب الامريكي وليس الحكومة) من جنود وضباط ومدنيين وغيرهم بهكذا اخلاق فلن نحصل منهم والله الا على الخير ولن تكون النتيجه الا لصالحنا بل على الاقل فانهم سينصفوننا في تعاملهم معنا.

ان كنا واعين ومؤهلين للقيام بهذه المهمة فان الغلبه ان شاء الله ستكون حليفنا ؟! اما ان كنا نركض وراء منطق الجهله من القوم ؟! فسيبقى العراقي مسلم ارهابي ؟! وسيبقى الامريكي صليبي محتل ؟! وبهذا سنسهم في انجاح المخطط الصهيوني بادارة امريكيه في تنفيذ اجنداتها في المنطقه باستعمال سياسة فرق تسد وكما ذكرت.  

اللهم اشهد اني بلغت                     اللهم اشهد اني بلغت                   اللهم اشهد اني بلغت

3 - 10 -2011م              
sarmad_aqrawi@yahoo.com

مقالاتي تعبرعن رأي الشخصي والديمقراطية في نظري هي ليست إنتخابات فحسب ؟! بل هي تبادل حر للأفكار والآراء لمنفعة الناس مع إحترام العرف العام وبدون الخوف من التجريح والتهديد والوعيد. انا لست صحفي ولا أريد بأن أنافس سيبويه في النحو ؟! ولا أريد بأن توضع مقالاتي في متحف اللغة العربية للبلاغه ؟! القصد هو ايصال الفكرة للقارئ الكريم بأبسط وسيله ممكنه. واختم بالقول: خير الكلام ما قل ودل ولا تنسوا مقولة الامام علي(ع) لا تنظر لمن قال ولكن انظر لما قال.
   

ليست هناك تعليقات: