الأربعاء، 19 أغسطس 2015

خواطر: سياسة الخصوصيه - بصمة الاصابع ؟!


خواطر: سياسة الخصوصيه - بصمة الاصابع ؟!

أول ما ادهشني عندما وصلت الى لندن للدراسة سنة 79م هو جهل الناس ؟! فالناس ملتهين بالعيشه والشغل والعلاقات الحميمه ولا مجال لهم بالتفكير بغيره . طالب جامعة بريطاني لا يعرف العراق (في ذلك الوقت) واضطررت ان اقول له بلاد ما بين النهرين (ميسوݒوتاميا) , ليفهم من اية جهة في العالم قد جئت انا منها فقط لاغير. قلت في نفسي هذا واحد ولكل قاعدة شواذ ؟! الا انني تفاجئت بان اغلب الشعب البريطاني هكذا ؟!. ولا يهم ان كان طبيب او مهندس او حتى استاذ في الجامعه , فالثقافه ليس لها علاقة بالشهادات. قلت في نفسي هذا بس انا هكذا افكر ؟! طلع لا ... العراقيين ومن عوائل مثقفة من العراق كانت انطباعاتهم عن البريطانيين مثلي تماما , حتى اننا كنا نتندر (من باب النكته) بان الحكومه البريطانيه تضع شيئ في الحليب ليصبحوا هكذا اغبياء ؟! للسيطرة عليهم طبعا.

(اذا مريت بشارع في بريطانيا صباحا فانك سوف ترى زجاجات الحليب الممتلئه عند كل باب بيت تقريبا)

انتبهت بان هنالك طبقة ممن يسمى بالمثقفين تدير الرأي العام البريطاني واغلبهم اما يهود واما ماسونيين وهؤلاء يتوزعون ما بين المحافظين واللبراليين ومنهم الشيوعيين والقوميين وانصار المثليه وضد اليورو وضد الحكومة العالميه (الماسونيه) وغيرهم الكثير.

وصلت االشواطئ الامريكيه سنة 81م ونفس الطاسة ونفس الحمام ..... فالشعب الامريكي بسيط وطيب الا انه ساذج بالمعرفه ؟! كل انواع المعرفة (الثقافة) ؟! ومنه فهنالك طبقة ممن يسمى بالمثقفين تدير الرأي العام الامريكي واغلبهم اما يهود واما ماسونيين وهؤلاء يتوزعون ما بين المحافظين واللبراليين ومنهم الاشتراكيين (قانونا: يمنع دخول الشيوعيين والنازيين والعاهرات الى الولايات المتحدة الامريكية , هكذا مكتوب والله , الا ان التطبيق غير) , وانصار المثليه , وانصار نظرية المؤامرة , وضد الحروب , وضد الحكومة العالميه (الماسونيه) وغيرهم الكثير.

رجعت للعراق سنة 2006م فاكتشفت بان الشعب المثقف الذي جئت منه قد اصبح كالبريطانيين والامريكان جاهل في كافة انواع المعرفة .... ومنه فان الشعب العراقي والشعوب الشرق اوسطيه اليوم تعتقد بأن التكنلوجيا ثقافة ؟! انا لست بالضد من استعمال التكنلوجيا بل على العكس فهي مفيدة في ادارة شؤون البلاد والعباد , الا انني اقول بان استيراد التكنلوجيا يجب ان يكون مع الاطلاع (الثقافة – المعرفة) لما كان يدور من نقاشات في الغرب عند ظهور هكذا تكنلوجيا جديدة .... كـ بصمة الاصابع كمثال ... وهنا مربط الفرس ...

ترفض النخب الاوربيه الغربيه طبعا (الاوربيين الشرقيين انتهوا ومن زمان بفضل الشيوعيه) والامريكيه المثقفة بصمة الاصابع جملة وتفصيلا وتعتبرها تعدي سافر على الحريات الشخصيه واسلوب الى الديكتاتوريه .... وللمعلومات من اساليب الاذلال في الولايات المتحدة الامريكية ان تقوم الشرطة باخذ بصمة اصابعك .... وهو أول ما يطلبه المحامي الموكل بقضيتك بتمزيقه (اذا كان على كارت) او حذفه من الكومبيوتر اذا كان رقمي , ان تم الافراج عنك كونك بريئ , لان اخذ البصمه هو تعدي سافر على حريتك الشخصيه. طبعا هنالك وظائف في الولايات المتحدة الامريكية لا تستطيع الحصول عليها الا اذا تم اخذ بصماتك والتحقق بها من هويتك ؟! الا ان هذه الشركات سوف تدفع تعويضات هائله لك ان تم تسريب بصمة اصابعك الى خارج كومبيوتر الشركه ؟! وستكون جريمة الشركة (نعم جريمة يعاقب عليها القانون) هي التعدي على خصوصيتك.

ضحكت كثيرا ... كنت في المكتب وجاء احد الاشخاص الذي كان قد سافر الى امارة خليجيه يمدح بهم وقال: مثقفين جدا (ههههه يعتقد بأن التكنلوجيا ثقافة) ومتطورين .... ليش يابه متطورين لانه:

كل شيئ بالبصمه ؟! التسوق , البنك , الخ.

طبعا اكيد قاعدة بيانات بصمات الاصابع هذه بيد وتدار من قبل الهنود (هنود , باكي , بنغال) وهؤلاء وليس استهزاءا بهم كبشر او بفقرهم لا سامح الله الا ان الحاجة والعوز بالتأكيد ستدفعهم الى بيعها وبأبخس الاثمان عند وجود مشتري , وقلاعنا ملغومة من الداخل ... إن كنتم تتفكرون ؟! ... إن كنتم تعقلون ؟!.    

طبعا سكت ... وقلت في نفسي: نفس الطاسه ونفس الحمام ... وكما في بريطانيا وكما في الولايات المتحدة الامريكية ... كنت اواسي نفسي بمثل اخترعته لنفسي (أكرر أنا اخترعته لاواسي نفسي) وهو:

أدخل أنا الى قاعة فيها 200 أعمى ( لا يبصر , عمي ما يشوف بالعراقي) ومهم بانهم عمي ومن الولادة , فكيف سأشرح لهم معنى البصر ؟! ههههههههههههههههه.

هذا هو حالي ... ومنذ أكثر من 35 سنة ... وأصبر نفسي ... بالمثل القائل:

درب المعرفة (الثقافة) موحش ... لقلة سالكيه ...

حسوا على انفسكم .... وحرام عليكم .... ما تدعون لتعجيل الفرج .... كل ساعة ... وكل يوم....

فأنا بقليل من العلم (الثقافة , المعرفة)... أتألم ...... فما بال بقية الله الأعظم .... عجل الله فرجه ....

ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .......

19-08-2015م


مع تحيات المهندس سرمد عقراوي

ليست هناك تعليقات: