الأحد، 30 يناير 2011

اخلاق المصريين في قلة الغيرة؟

اخلاق المصريين في قلة الغيرة؟


صفحات من تاريخ مصر
عن كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والاثار
والمعروف بـ الخطط المقريزية.
مؤرخ مسلم، يعتبر شيخ المؤرخين المصريين " أحمد بن علي المقريزي " المعروف باسم " تقي الدين المقريزي " ولد وتوفي في القاهرة(764 هـ ـ 845 هـ) (1364م - 1442م) ممن اهتموا بالتأريخ بكل نواحيه.
وأما أخلاط المصريين فبعضها شبيه ببعض لأنّ قوى النفس تابعة لمزاج البدن، وأبدانهم سخيفة سريعة التغير قليلة الصبر والجلد، وكذلك أخلاقهم يغلب عليها الاستحالة والتنقل من شيء إلى شيء والدعة والجبن والقنوط والشح وقلة الصبر والرغبة في العلم وسرعة الخوف والحسد والنميمة والكذب والسعي إلى السلطان وذمّ الناس.
وبالجملة فيغلب عليهم الشرور الدنية التي تكون من دناءة الأنفس وليس هذه الشرور عامّة فيهم ولكنها موجودة في أكثرهم، ومنهم: من خصه اللّه بالفضل وحسن الخلق وبرّأه من الشرور، ومن أجل توليد أرض مصر، الجبن والشرور الدنيئة في النفس لم تسكنها الأسد وإذا دخلت ذلت ولم تتناسل وكلابها أقل جرأة من كلاب غيرها من البلدان. وكذلك سائر ما فيها أضعف من نظيره في البلدان الأخر ما خلا ما كان منها في طبعه ملائمة لهذه الحال كالحمار والأرنب.
المصدر: الصفحة 76 من الجزء الاول في نسخة الـ ورد.
المصدر: الصفحة 137-138 من الجزء الاول في نسخة الـ بي دي اف.

والغالب عليهم (اي المصريين) الجبن والاستحذاء في الكلام وإذا ساسوا غيرهم كانت أنفسهم طيبة، وهممهم كثيرة، ورجالهم يتخذون نساء كثيرة، وكذلك نساؤهم يتخذن عدة رجال. وهم منهمكون في الجماع، ورجالهم كثيرو النسل، ونساؤهم سريعات الحمل، وكثير من ذكرانهم(اي رجالهم) تكون أنفسهم ضعيفة مؤنثة (اي تغلب عليها الصفة الانثوية).

وقال أبو الصلت: وأما سكان أرض مصر فأخلاط من الناس مختلفوا الأصناف والأجناس من قبط وروم وعرب وأكراد وديلم وحبشان، وغير ذلك من الأصناف إلا أن جمهورهم قبط قالوا: والسبب في اختلاطهم تداول المالكين لها، والمتغلبين عليها من العمالقة واليونانيين والروم، وغيرهم. فلهذا اختلطت أنسابهم، واقتصروا من التعريف بأنفسهم على الإشارة إلى مواضعهم، والانتماء إلى مساقطهم فيها.

وأما أخلاقهم (اي المصريين) فالغالب عليها اتباع الشهوات والانهماك في اللذات والاشتغال بالترهات والتصديق بالمحالات وضعف المرائر والعزمات، ولهم خبرة بالكيد والمكر، وفيهم بالفطرة قوّة عليه وتلطف فيه وهداية إليه لما في أخلاقهم من الملق والبشاشة التي أربوا فيها على من تقدّم وتأخر. وخصوا بالإفراط فيها دون جميع الأمم. حتى صار أمرهم في ذلك مشهوراً والمثل بهم مضروباً وفي خبثهم ومكرهم يقول أبو نواس:
محضتكم يا أهل مصر نصيحتي ... ألا فخذوا من ناصح بنصيب
رماكم أمير المؤمنين بحيةٍ ...       أكول لحيات البلاد شروب
فإن يكُ باق أفك فرعون فيكم ...    فإن عصا موسى بكف خصيب

المصدر: الصفحة 82-83 من الجزء الاول في نسخة الـ ورد.
المصدر: الصفحة 146-147 من الجزء الاول في نسخة الـ بي دي اف.
ومن أخلاق أهل مصر: قلة الغيرة وكفاك ما قصه الله سبحانه وتعالى من خبر يوسف عليه السلام ومراودة امرأة العزيز(المصرية) له عن نفسه، وشهادة شاهد من أهلها عليها بما بيّن لزوجها منها السوء، فلم يعاقبها على ذلك بسوى قوله:
)استغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ( سورة يوسف29.
وقال ابن عبد الحكم: وكان نساء أهل مصر حين غرق من غرق منهم، مع فرعون ولم يبق إلا العبيد والأجراء لم يصبروا عن الرجال فطفقت المرأة تعتق عبدها، وتتزوّجه. وتتزوّج الأخرى أجيرها وشرطن على الرجال أن لا يفعلوا شيئاً إلا بإذنهنّ، فأجابوهنّ إلى ذلك. فكان أمر النساء على الرجال.
فحدثني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب: أن نساء القبط على ذلك إلى اليوم إتباعاً لمن مضى منهم لا يبيع أحدهم ولا يشتري إلا قال: استأمر امرأتي.
وقال: إن فرعون لما غرق ومعه أشراف مصر. لم يبق من الرجال من يصلح للمملكة، فعدّ الناس في مراتبهم بنت الملك، ملكةً وبنت الوزير وزيرةً وبنت الوالي وبنت الحاكم على هذا الحكم، وكذلك بنات القوّاد، والأجناد فاستولت النساء على المملكة مدة سنين وتزوّجن بالعبيد واشترطن عليهم أن الحكم والتصرف لهنّ. فاستمرّ ذلك مدة من الزمان، ولهذا صارت ألوان أهل مصر سمراً من أجل أنهم أولاد العبيد السود الذين نكحوا نساء القبط بعد الغرق، واستولدوهنّ.
وأخبرني الأمير الفاضل الثقة ناصر الدين محمد بن محمد بن الغرابيلي الكري رحمه اللّه تعالى: أنه مذ سكن مصر يجد من نفسه رياضة في أخلاقه وترخصاً لأهله وليناً ورقةً طبع من قلة الغيرة، ومما لم نزل نسمعه دائماً بين الناس إن شرب ماء النيل ينسي الغريب وطنه.
ومن أخلاق أهل مصر الإعراض عن النظر في العواقب فلا تجدهم يدّخرون عندهم زاداً كما هي عادة غيرهم من سكان البلدان بل يتناولون أغذية كل يوم من الأسواق بكرةً وعشياً. ومن أخلاقهم: الانهماك في الشهوات والإمعان من الملاذ وكثرة الاستهتار وعدم المبالاة قال لي شيخنا الأستاذ أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون رحمه الله تعالى: أهل مصر كأنما فرغوا من الحساب.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: المكر عشرة أجزاء. تسعة منها في القبط وواحد في سائر الناس.
ووصف ابن العربية أهل مصر فقال: عبيد لمن كلب. أكيس الناس صغاراً، وأجهلهم كباراً. وقال المسعودي: لما فتح عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه البلاد على المسلمين من العراق والشام ومصر، وغير ذلك، كتب إلى حكيم من حكماء العصر:
إنا لَناس عرب قد فتح اللّه علينا البلاد، ونريد أن نتبوأ الأرض، ونسكن البلاد، والأمصار. فصف لي المدن وأهويتها ومساكنها وما تؤثره الترب والأهوية في سكانها. فكتب إليه: وأما أرض مصر، فأرض قوراء غوراء ديار الفراعنة، ومساكن الجبابرة ذمّها أكثر من مدحها، هواؤها كدر، وحرّها زائد، وشرّها مائد تكدر الألوان والفطن وتركب الإحن وهي معدن الذهب والجوهر، ومغارس الغلات. غير أنها تسمن الأبدان وتسودّ الإنسان وتنمو فيها الأعمار وفي أهلها مكر ورياء وخبث ودهاء وخديعة. وهي بلدة مكسب ليست بلدة مسكن لترادف فتنها واتصال شرورها.
المصدر: الصفحة 84-85 من الجزء الاول في نسخة الورد.
المصدر: الصفحة 148-149 من الجزء الاول في نسخة الـ بي دي اف.

ليست هناك تعليقات: